تحية الى الشهيد الأمين الدكتور سمير قناطري
تميزت الثورات العربية ( تونس – مصر – اليمن – البحرين ) بالحشد الجماهيري الكبير في الساحات العامة، وبطابعها السلمي رغم سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين. ورغم النجاح في اسقاط رأسي النظام في تونس ومصر الا أن أسس النظامين التونسي والمصري لاتزال قائمة. لم تستكمل الثورتان بعد، ولم يتضح اتجاه كل منهما. ثورة البحرين جرى خنقها من قبل تدخل عسكري خارجي، وثورة اليمن تراوح مكانها في انقسام يأخذ طابعا قبليا.
الثورة في ليبيا أخذت طابعا عنفيا من قبل النظام والثوار، وجرى استغلالها من قبل الحلف الأطلسي لوضع اليد على خيرات ليبيا، مما يعني عودة الاستعمار ومشاريعه من جديد.
أخذت حركة الاحتجاج في الجمهورية العربية السورية ، منذ بدايتها طريقا مغايرا للثورات العربية.
-انطلاق الحركة من المدن الصغرى الحدودية: درعا – تلكلخ- جسر الشغور – البوكمال –ثم مدن داخلية مثل حماة – دير الزور.
-اعتماد العنف المسلح من قبل المتظاهرين. واستغلال المساجد والتحريض الطائفي والمذهبي.
-ارتكاب مجازر وحشية وبربرية تفوق في فظاعتها الجرائم الصهيونية من تقطيع الأوصال والتمثيل بالجثث والاعتداء على الآمنين في بيوتهم ومكاتبهم ودوائر عملهم.
-دعم المحتجين من قبل أنظمة وتيارات سياسية عربية متماهية مع المشروع الغربي وداعية الى نزع سلاح المقاومة. وقد أمنت لهم المال والسلاح وسخرت لهم اعلامها وفتحت لهم قنوات تحريض طائفي ومذهبي بغيض.
عميت هذه الأنظمة وتوابعها عن رؤية الحشد الهائل من المؤيدين للاصلاح بقيادة الرئيس بشار الأسد. مثلما عميت هي وبعض بيانات المثقفين عن رؤية العنف والاجرام المسلح عند المعارضين ولم تر الا عنف السلطة، رغم أن غالبية الذين سقطوا في الأحداث هم من القوى الأمنية التابعة للسلطة.
-ضغط دولي متصاعد ومتسع لامثيل له، من قبل الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ضد نظام الرئيس بشار الأسد رغم الاجراءات الاصلاحية التي اتخذها، ورغم التعديلات الجذرية في القوانين ورغم تشكيل لجان وهيئات للحوار والاستعداد لوضع دستور جديد يفتح آفاق واسعة للحرية والديمقراطية ونهضة المجتمع.
القوى السياسية العربية المناهضة لسياسة المشاريع الأمريكية –الصهيونية، وقفت الى جانب سورية مؤكدة على أهمية وضرورة الاصلاح لتحصين الدولة والمجتمع.
الحاجة الى الاصلاح في التنظيمات وفي النظم هي مسألة حيوية، والعرب ليسوا أقل من الشعوب الأخرى توقا للحرية والديمقراطية، وبناء دول عصرية تحفظ كرامتها وكرامة مواطنيها.
على الشباب العربي ألا ينخدع كما انخدع أجداده بثورة الشريف حسين التي بدل أن تأتينا بالاستقلال عن الأتراك جاءت بالاستعمارين الفرنسي-البريطاني وتقسيم سورية الطبيعية وزرع الكيان الصهيوني العدواني والتوسعي.
التغيير لبناء مجتمع أفضل لايكون بالغوغائية ،ولا بالانفعال العاطفي وتحريك الغرائز البدائية،
ولا بلغة الحقد والشتائم والتكفير والالغاء. ولا يكون بالانجرار وراء مشاريع الهيمنة الغربية.
الغباء والعمالة والخيانة هي صفات القوى التي تتعامل مع الغرب وخاصة أميركا للوصول الى السلطة.
التغيير يتطلب رؤية تقوم على فكر عقلاني يؤكّد على:
- وحدة الأمة بكل مكوناتها الاجتماعية، ويعمل على تعزيز هذه الوحدة، بتحقيق العدل الحقوقي الذي يساوي بين جميع المواطنين، وتحقيق العدل الاقتصادي الذي يرفض أن تكون فئة من الشعب عاجزة عن تأمين مستلزمات الحياة الضرورية، فيما فئة قليلة تستأثر بخيرات الوطن.
-تعزيز ثقة الأمة بذاتها، لأنه بدون هذه الثقة لا معنى للاستقلال ولا معنى للسيادة. وهذه الثقة لا تبنى الا بتعميم العلم والانتاج العلمي والمعرفي الذي لا يتحقق الا في مناخ الحرية.
-الانفتاح الثقافي بين جماعات الأمة وبين الأمة والعالم.
-أولوية مصلحة الأمة على أي مصلحة فئوية خاصة.
- تحصين الأمة بوجه المؤامرات ومشاريع الهيمنة والتسلط، وهذا لايكون بدون فلسفة الصراع والمقاومة وبناء القوة المادية والروحية لمواجهة كل التحديات.
قيم النهضة في الحرية والواجب والنظام والقوة، هي منهج تحقيق الحق والخير والجمال.
لهذه القيم عمل الشهيد الأمين الدكتور سمير قناطري، فاغتالته في صيدليته قوى الظلام.
هو باق حيا فينا، في رفاقه وأهله وأحبائه، وبكل من يعمل لهذه القيم الاجتماعية والانسانية الراقية.
أما الكافرون والمنافقون بالدين والمتاجرون به، الذين شوهوا اسمه ومبادءه وارتكبوا أبشع الجرائم والمجازر، سينالون غضب الدنيا والآخرة، ولعنة المجتمع وقصاص الدولة.
قوى ظلام وأنظمة ظلام وتنظيمات ظلام ومثقفو عتمة، كلها رجعة الى الوراء ودفع نحو الهاوية، ولا يخجلون من ظلامهم ولا من عماهم، بل يعظون بما لا يفقهون ويدعون الى نعمة نور لا يرونه.
ظلامهم الى انحسار، النور آت، والنصر لسوريا.