مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي
وتُقسَم إلى ثلاث حلقات:
الخطة الصهيونية تستهدف وجودنا القومي في الأساس، لذلك حربنا هي حرب وجود - صراعنا هو صراع وجود.
الحزب السوري القومي الاجتماعي يمثل الخطة القومية النظامية المعاكسة للخطة الصهيونية.
يمثل علم الوجود في زمن صراع الوجود للحفاظ على هذا الوجود القومي.
هذا هو جوهر قضية الحزب السوري القومي الاجتماعي.
الحلقة الأولى:
القاعدة والأساس: وحدة الأمة والوطن
يقول سعاده في المبادئ: «الأمة بدون وطن معين لا معنى لها، ولا تقوم شخصيتها بدونه، وهذا الوضوح في تحديد القضية القومية يخرج معنى الأمة من الخضوع لتأويلات تاريخية وسلالية أو دينية مغايرة لوضع الأمة ومنافية لمصالحها الحيوية الأخيرة.
«إن وحدة الأمة والوطن تجعلنا نتجه نحو فهم الواقع الاجتماعي الذي هو الأمة بدلاً من الضلال وراء أشكال المنطق الصرف وتراكيب الكلام.
«إن الترابط بين الأمة والوطن هو المبدأ الوحيد الذي تتم به وحدة الحياة». (المحاضرات العشر، من شرح المبدأ الأساسي الثالث، ص.ص. 60 - 61).
درس المبادئ الأساسية على ضوء قاعدة وحدة الأمة والوطن
أولاً: فإذا كانت الخطة الصهيونية المعادية تستهدف اقتلاع شعبنا من أرضه، فمبادؤنا الأساسية تؤكد على «وحدة الأمة والوطن» «الترابط بين الأمة والوطن». بهذا المفهوم ندرس مبادئنا الأساسية: (يشرح كل مبدأ من ضمن هذا السياق العام لقاعدة وحدة الأمة والوطن - الخطة القومية المعاكسة).
المبدأ الأساسي الأول: سوريا للسوريين والسوريون أمة تامة
من سؤال «من نحن؟» الذي طرحه الزعيم لمعرفة وتحديد الهوية القومية وبنتيجة دراساته، وضع هذا المبدأ الأول من مبادئ الهوية والسيادة للقوميين، والذي أنهى البلبلة التي كانت سائدة في التعاريف المتعددة والمتناقضة لهويتنا القومية والتي لا يمكن أن تكون أساساً لوعي صحيح ولنهضة الأمة السورية التي دورتها الاجتماعية والاقتصادية في وحدة حياة ووحدة مصير». (المحاضرات العشر، ص. 151).
«القول بأن السوريين هم أمة تامة هو إعلان حقيقة أساسية تقضي على البلبلة والفوضى وتضع المجهود القومي على أساس من الوضوح». وهذا الحسم في الهوية القومية، والقضاء على البلبلة في التعاريف أي حصول الوعي القومي ضروري ومن دونه لا يمكن أن تكون سورية الوطن للسوريين. فكون السوريين أمة تامة فحقهم الطبيعي السيادة المطلقة والتامة على وطنهم سورية.
«والحقيقة أن قومية السوريين التامة وحصول الوجدان الحي لهذه القومية أمران ضروريان لكون سورية للسوريين بل هما شطران أوليان لمبدأ السيادة القومية». (المصدر نفسه في شرح المبدأ الأساسي الأول).
وكان حرص سعاده باستمرار على الانطلاق من هذا المبدأ في رفض مشاعية التصرف بمسألة فلسطين التي أنهى الملوك العرب ثورتها الكبرى في الثلاثينيات والتي فاوضت مصر والسعودية على مسألتها منذ الأربعينيات حتى كامب ديفيد حتى قمة فاس.
سعاده أكد أن ليس إلا للسوريين تقرير مصيرهم القومي على قاعدة أن يكون الدعم العربي لما يقررون تماماً، كما حدث لمصر في قضية السودان أو الجزائر في ثورتها أو أية مسألة أخرى.
المبدأ الثاني: القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أيّة قضية أخرى
ويوضح الزعيم «أن هذا المبدأ نتيجة وتكميل للمبدأ الأول» من حيث إنه لما كانت «سورية للسوريين الذين يشكلون أمة تامة لها حق السيادة، فإن من البديهي أن تكون قضيتها، أي قضية حياتها ومصيرها، متعلقة بها وحدها»، و«إن جميع المسائل الحقوقية والسياسية التي لها علاقة بأرض سورية أو جماعة سورية هي أجزاء من قضية واحدة غير قابلة للتجزئة أو الاختلاط بشؤون خارجية يمكن أن تلغي فكرة المصالح السورية ووحدة الإرادة السورية» (المحاضرات العشر، شرح المبدأ الثاني، ص. 57).
على قاعدة هذا المبدأ رفض سعاده قرارات التقسيم الدولية في 1937 و1947 وأعلن أنه لا يحقّ لأية هيئة انترنسيونية التصرف بأرض سورية، كما رفض كل المشاريع والخطط والمعاهدات التي انتقصت من السيادة السورية سواء في الشمال أو الجنوب. وعلى قاعدة هذا المبدأ يرفض الحزب السوري القومي الاجتماعي كل اتفاقات تتناقض مع السيادة القومية من سايكس - بيكو وبلفور إلى كامب ديفيد والاتفاق اللبناني الإسرائيلي.
لولا هذه القاعدة الحقوقية القومية لما كنا نملك المنطق الذي على أساسه نرفض ونقاتل ونتمسك بحقنا القومي المطلق في السيادة على أرض الوطن.
المبدأ الأساسي الثالث: القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.
يعود سعاده في هذا المبدأ ليؤكد «العلاقة الحيوية غير القابلة الفصل بين الأمة والوطن». ويعتبر سعاده في شرح هذا المبدأ «وهذا الوضوح وفي تحديد القضية القومية يخرج معنى الأمة من الخضوع لتأويلات تاريخية أو سلالية أو دينية مغايرة لوضع الأمة ومنافية لمصالحها الحيوية الأخيرة».
«وإن الترابط بين الأمة والوطن هو المبدأ الوحيد الذي تتم به وحدة الحياة. ولذلك لا يمكن تصور متّحد إنساني اجتماعي من غير بيئة تتم فيها وحدة الحياة واشتراك في مقوماتها ومصالحها وأهدافها، وتمكّن من نشوء الشخصية الاجتماعية التي هي شخصية المتحد - شخصية الأمة» (المحاضرات العشر، ص. 63).
في هذا المبدأ وشرحه يؤكد سعاده أن الشخصية الاجتماعية شخصية تامة تنشأ من الترابط بين الأمة والوطن وليس على أساس الرابطة الدينية أو اللغوية أو العنصرية بل على أساس «وحدة الحياة» التي هي حصيلة التفاعل بين الأمة والوطن.
هذا التفاعل المنتج «لدورة اجتماعية اقتصادية في وحدة حياة ووحدة مصير» (راجع المبدأ الأساسي الأول).
هذه الدورة من التفاعل، دورة العمران والحياة، الدورة الاجتماعية الاقتصادية التي تذيب كل الأصول والجماعات في وحدة قومية.
خلاصة هذه المبادئ الأساسية الثلاثة:
تأكيد مبدأ الترابط بين الأمة والوطن من الوجهة العلمية الاجتماعية في تحديد الأمة على أنها وحدة حياة ومصير، وناتجة عن وحدة الأمة والوطن في التفاعل المكون للشخصية القومية والوجدان القومي» و(2) من الوجهة الحقوقية القومية المثبتة حق الأمة التامة، في السيادة المطلقة على وطنها لا ينازعها في مسائله منازع وإذا أراد دعمها شقيق، فعلى أساس وحدة إرادتها وقرارها في المساندة الداعمة، والدعم ضمن علاقات بهوية متكافئة وليس على أساس المشاعية المضيّعة للحق القومي كما جرّت فواجع الأمة منذ الثلاثينيات والأربعينيات وصولاً إلى الثمانينيات.
المبدأ الأساسي الرابع: «الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي».
يقول الزعيم «وهكذا نرى أن مبادئ القومية السورية ليست مؤسسة على مبدأ وحدة سلالية بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيح سلالي متجانس الذي هو المبدأ الوحيد الجامع لمصالح الشعب السوري الموحّد لأهله ومثله العليا، المنقذ القضية القومية من تناحر العصبيات الدموية البربرية والتفكك القومي» (المحاضرات العشر، ص. 63).
في وجه الخرافات العنصرية اليهودية وسواها يقدّم سعاده مبدأ وحدة الشعب السوري المتولد من تاريخ طويل - وحدة قامت على أساس الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيح سلالي متجانس لا مجال فيها للنعرات الدموية والسلالية، وقامت على أساس هذا الترابط بين الأمة والوطن، خلاف المبدأ اليهودي الصهيوني الذي يزعم نشوء أمة يهودية في الشتات بلا وطن، ليؤسس على هذه الخرافة استهداف الاستيطان في أرضنا، في اقتلاع شعبنا من وطنه والحلول محله في الغزوة اليهودية الصهيونية المعاصرة.
يرفض سعاده مبدأ الخلوص الدموي وتفضيل القول بأصل واحد على الاعتراف بالمزيج الدموي (المحاضرات، ص. 64)، ويؤكد سعاده: «أن مدلول الأمة السورية يشتمل على هذا المجتمع الموحد في الحياة الذي امتزجت أصوله وصارت شعباً واحداً هو المجتمع القائم في بيئة واحدة ممتازة عرفت تاريخياً باسم سورية».
ويؤكد سعاده في شرح هذا المبدأ أن القومية السورية ليست حقيقة اتنية فقط بمعنى المزيج السلالي بل هي حقيقة اتنية - جغرافية على قاعدة «وحدة الأمة والوطن» التي لا يمكن تصورها في ثنائية أو ازدواجية أو بالتجريد، بل الأمة - الوطن هي الوجود الاجتماعي - الدور الاجتماعية الاقتصادية - الوجدان القومي - الناتجة كلها عن الاتحاد في الحياة بالتفاعل بين الجماعات لتكون الجماعة القومية الملتصقة والمتفاعلة بالبيئة الطبيعية.
وهذا المبدأ ينقذ سورية من النعرات الدموية والبحث عن الأصل أكان فينيقياً أم عربياً في الماضي، وكردياً أو شركسياً أو عربياً في الحاضر، لأن «وحدة الشعب السوري» متولدة عن وحدة أرضه، من استمرار حياته وتفاعله المذوّبة كل الأصول والهجرات إلا الهجرة اليهودية الاستيطانية الغازية والتي لها عقيدة عنصرية عدوانية ضد وجودنا القومي.
ومنذ البدء أعلن سعاده في شرح هذا المبدأ رفض هذه الهجرة اليهودية بسبب عقائدها وأهدافها «المتضاربة مع حقيقة الأمة السورية وحقوقها وسيادتها ومع المثل العليا السورية تضارباً جوهرياً».
ودعا السوريين القوميين إلى «أن يدفعوا هذه الهجرة بكل قوتهم».
المبدأ الأساسي الخامس: الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية، وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب، شاملةً شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص إلى قوس الصحراء العربية والخليج العربي في الشرق» (وتوصف بالهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص)*.
يؤكد سعاده أن «الأمة تجد اساسها قبل كل شيء آخر في وحدة أرضية معينة تتفاعل معها مجموعة من الناس وتتشكّل وتتّحد ضمنها». (المحاضرات، ص. 83) و(نشوء الأمم، ص. 166).
فقيمة الأرض أنها «حضنت العناصر» التي نزلت واستقرت فيها واتخذتها موطناً لها تدور فيها حياتها، ومكّنتها من التصادم ثم من الامتزاج والاتحاد وتكوين هذه الشخصية الواضحة القوية التي هي الشخصية السورية وحبتها بمقومات البقاء في تنازع الحياة».
فالوطن هو أولاً حاضن عملية التفاعل بين الهجرات المختلفة لتكوين المزيج السلالي كما أنه ثانياً «الوحدة الأرضية التي تتفاعل معها هذه الجماعة البشرية وتشتبك وتتّحد ضمنها»، والأرض حبت الأمة «بمقومات البقاء في تنازع الحياة».
التفاعل هو بين الجماعات البشرية المولدة لوحدة الشعب السوري على أرض الوطن والتفاعل بين الشعب السوري بمزيجه المتكون والوطن تفاعلاً منتجاً الدورة الاجتماعية الاقتصادية الاتحاد في الحياة والشخصية القومية للأمة. وهكذا لا يمكن فهم وحدة الأمة من دون وحدة الوطن، ومن دون وحدة الأمة والوطن في عملية التفاعل المتكاملة بين الإنسان والإنسان وبين الإنسان والأرض - البيئة الطبيعية بمواردها وإمكاناتها.
عند هذا الحد نعود إلى تحديد سعاده إلى الأمة وتعريفه بها والتي على أساسها يمكن فهم وحدة المبادئ الأساسية.
يعتبر سعاده في تعريفه للمتحد «أن الاشتراك في الحياة يولد اشتراكاً في العقلية والصفات، كالعادات والتقاليد واللهجات والأزياء، وما شاكل وعدم الاشتراك في الحياة يوهي أشد الروابط متانة كالرابطة الدمويّة». (نشوء الأمم، ص. 139). وبمعنى أن المزيج السلالي - الرابطة الدموية من دون وطن يتفاعل معه، ويولد الاتحاد أو الاشتراك في الحياة لا يشكل أمة. والوطن من دون أمة تتفاعل معه لا يكون وطناً. هذا هو مبدأ وحدة الأمة والوطن. وكل الصفات تتبع وتنبع من «الاشتراك في الحياة» والأمة هي المتحد الأتم، لأن لها دورة اجتماعية اقتصادية، دورة عمران تامة ضمن وحدة أرضية، وطنٌ طبيعيٌ واضح المعالم والحدود الطبيعية.
«شرط المجتمع ليكون مجتمعاً طبيعياً أن يكون خاضعاً للاتحاد في الحياة والوجدان الاجتماعي، أي أن تجري فيه حياة واحدة ذات دورة اجتماعية اقتصادية واحدة تشمل المجموع كله وتنبه الوجدان الاجتماعي، أي الشعور بوحدة الحياة ووحدة المصير فتكون من هذا الشعور الشخصية الاجتماعية بمصالحها وإرادتها وحقوقها» (سعاده - نشوء الأمم، ص. 165).
وعلى هذا الأساس «فالأمة جماعة من البشر تحيا حياة موحدة المصالح، موحدة المصير، موحدة العوامل النفسية - المادية في قطر معين يكسبها تفاعلها معه، في مجرى التطور، خصائص ومزايا تميزها عن غيرها من الجماعات» (المصدر نفسه).
«وكل ميزة من ميزات الأمة أو صفة من صفاتها تابعة لمبدأ الاتحاد في الحياة الذي منه تنشأ التقاليد والعادات واللغة والأدب والدين والتاريخ» (المصدر نفسه، ص. 165).
من هنا شكّل مفهوم الدورة الاجتماعية الاقتصادية، الاتحاد في الحياة، رد سعاده العلمي على النزاعات والنزاعات العنصرية. إنها الدورة الصاهرة مختلف السلالات والأصول الدموية، وهذا هو المفهوم الأساسي، وسعاده يرفض على قاعدة هذا المفهوم النظريات اللغوية العنصرية سواء السامية أو الآرية ليؤكد أن الأمم هي مزيج من مختلف السلالات الأساسية، لكنه يؤكد تمايز المزيج السلالي في كل أمة، ومما لا شك فيه أن الأمم هي مجموعات من المزيج السلالي المتجانس في تركيبه في كل أمة، والمختلف عن مجموعات الأمم الأخرى. وهذه حقيقة علمية موضوعية، أما تأثير هذا المزيج سلباً أو إيجاباً على الصعيد الاجتماعي، فأمر يخضع لتطور علمي الانتروبوجيا (علم السلالات) والاجتماع. وأن سعاده لا يقدم نظرية سلالية، وهو الذي أكد أن أم بوتشكين الزنجية لم تمنع نبوغه (راجع: نشوء الأمم) لكنه يقدم نظرية اجتماعية تقوم على مبدأ التفاعل والدورة الاجتماعية الاقتصادية الصاهرة كل الأقوام على أرض الوطن في الاتحاد بالحياة.
فسعاده يقرن المزيج السلالي بالتجانس مع البيئة الطبيعية؛ وهذا دليل على شمول قاعدة تفاعل الإنسان والأرض ونتائجه.
يقول الزعيم: «وبهذا المبدأ يمكننا أن نفهم أسباب تفوّق السوريين النفسي الذي لا يعود إلى المزيج المطلق، بل إلى نوعية المزيج المتجانس الممتازة والمتجانس تجانساً قوياً مع نوعية البيئة». (المحاضرات، ص. 64).
ويقول: «إذن لا حاجة إلى أصل واحد معين لنشوء الأمة، لنشوء القومية، فالأمة موجودة بتفاعلها ضمن بيئتها ومع بيئتها» (المحاضرات، ص. 68).
لقد ارتكز سعاده في نظرته إلى الشأن القومي على التفاعل بين الجماعة القومية وبيئتها الطبيعية المولدة الدورة الاجتماعية الاقتصادية. واعتبر أن البيئة الطبيعية ضرورية لنشوء الأمة التي متى نشأت ونمت تستطيع أن تعدل لا في حدودها وحسب، بل في فعالية دورتها الاجتماعية الاقتصادية وفعلها في موارد بيئتها وتربيتها. وهذه نظرية حركية دينامية للشأن القومي منافية لفكرة الحتمية الجغرافية (الأرض تقدّم الإمكانات لا الاضطراريات) (نشوء الأمم)، رغم استنادها للواقع الجغرافي من حيث إنه الإطار المادي التي تنشأ فيه وبالتفاعل معه ومع ممكناته دورة العمران القومية بفعل العقل وتنامي سيطرته خلال التفاعل على البيئة ومواردها.
في ضوء هذه النظرة:
يقول سعاده في «المحاضرات العشر»: «إن لنا في هذه البيئة الطبيعية وحدة زراعية - اقتصادية متشابكة بالأنهر التي ذكرتها لا يخطئها نظر عارف بشؤون الجغرافيا، فترابط الزراعة في وحدة الأرض وريها بالأنهر السورية (لنتعلّم أسماء الأنهر) أمر واقع وطبيعي وتاريخي. ووحدة الأرض السورية هي أساس وحدة الحضارة السورية. ووحدة الإنتاج السوري بأنواعه على أساس الاقتصاد القومي في سورية، وإيجاد نظام جديد لهذا الإنتاج وأغراضه هو الإنشاء الاساسي لقيام النهضة السورية القومية الاجتماعية».
«إن الأرض السورية بيئة طبيعية واحدة تقوم عليها وحدة شعبية وأنحاؤها تكمل بعضها بعضاً وصيانة أية جهة من جهاتها ضرورية لصيانة الجهات الأخرى».
«أي اجتياح حربي للخطوط الاستراتيجية الجنوبية أو الشمالية جعل سوريا الطبيعية كلها تحت سيطرة السقوط في قبضة الجيش المجتاح لأنه لا تعود توجد فواصل داخلية في أجزاء البلاد» (المحاضرات، ص.ص. 87-89).
هذه حقائق أساسية مفروض حفظها عن تجلي وحدة الأمة والوطن.
1- الوحدة الطبيعية: هي وحدة زراعية اقتصادية متشابكة بالأنهر السورية، إن مخطط العدو اليهودي السيطرة على مياه سورية؛ معركة الأردن - الليطاني - الحاصباني وتحديده مشروعه الاستيطاني «حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل».
2- وحدة الأرض السورية هي أساس وحدة الحضارة السورية ووحدة الإنتاج السوري على أساس الاقتصاد القومي.
على وحدة الأرض نشأت الحضارة والإنتاج, العوامل النفسية الروحية, العوامل الاقتصادية المادية, لنذكر تعريف سعاده: "إن الأمة موحدة العوامل المادية – النفسية وذلك كله ينشأ بالتفاعل بين الأمة والوطن, بين الجماعة القومية وبيئتها الطبيعية".
ولنذكّر هنا بصيحة الثورة والرفض للأوضاع الراهنة، كيف مزق الاستعمار في سايكس – بيكو 1916 وحدة أرضنا ووحدة مجتمعنا وأقام تعدد كيانات لتمزيق قوتنا القومية الموحدة ولنفاذ المشروع الصهيوني.
3- الدورة الاجتماعية الاقتصادية على الأرض السورية هي "أمر طبيعي وتاريخي". هي الوجود القومي, أما "إيجاد النظام الجديد لهذا الإنتاج وأغراضه هو الإنشاء الأساسي لقيام النهضة السورية القومية"، أي النهضة تصارع لإقامة النظام الجديد لتنظيم هذا الإنتاج, هذا الاقتصاد القومي. الاقتصاد القومي ناتج عن دورة الحياة القومية بالتفاعل بين الجماعة البشرية والبيئة الطبيعية, تنظيمه العادل والجدي هو الغرض الإنشائي للنهضة في النظام الجديد.
هنا ترتبط القضية القومية بالنظام الجديد. هذه هي القومية الاجتماعية, هذا انبثاق المبادئ الإصلاحية المتعلقة بتنظيم المجتمع من المبادئ الأساسية المتعلقة بتحديد المجتمع القومي.
يتجلى ذلك بوضوح في المبدأ الأساسي السادس. المبدأ الأساسي السادس من أهم مبدأ من مبادئنا الأساسية لأن من الشأن القومي ينبثق التغيير القومي الاجتماعي بـ"المبادئ الاصلاحية"، ويقول سعاده في هذا المبدأ: "الى هذا المبدأ الأساسي تعود بعض المبادئ الاصلاحية التي سيرد ذكرها وتفصيلها: فصل الدين عن الدولة, إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب، وهذا المبدأ هو أهم المبادئ التي يجب أن تبقى حاضرة في ذهن كل سوري. فهو أساس الوحدة القومية الحقيقي ودليل الوجدان القومي. والضمان لحياة الشخصية السورية واستمرارها. أمة واحدة – مجتمع واحد. فوحدة المجتمع هي قاعدة وحدة المصالح, ووحدة المصالح هي وحدة الحياة. وعدم الوحدة الاجتماعية ينفي المصلحة العامة الواحدة التي لا يمكن التعويض عنها بأية ترضيات وقتية".
الحلقة الثانية:
الرد على الخطة اليهودية المستهدفة تمزيق مجتمعنا إلى طوائف وقبائل بالمبدأ الأساسي السادس: الأمة السورية مجتمع واحد. انبثاق المبادئ الإصلاحية الاجتماعية من الشأن القومي.
يُلاحِظ هنا ويشدّد على أنه في وجه المخطط الصهيوني المعادي المستهدِف في الطور الثاني من خطته تمزيق مجتمعنا إلى قبائل وطوائف وجماعات عنصرية متناقضة جاء المبدأ الأساسي الرابع المؤكد على "وحدة الشعب السوري" المتولدة من مزيجه السلالي ومن تفاعله وانصهاره مع بيئته الطبيعية والتي تعود "إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي"، أي أكدت وحدة شعبنا المستمرة في عملية التفاعل والانصهار بين جماعاته وبين بيئته الطبيعية.
وإذا كانت الخطة المعادية تستهدف تمزيق وحدة مجتمعنا القومي فقد أكد المبدأ الأساسي السادس "أن الأمة السورية مجتمع واحد"، فكلما أكدت مبادئنا الأساسية وحدة الشعب والأرض أكدت مبادئنا الأساسية، كذلك أن الأمة هي المجتمع وهي مجتمع واحد ولا يمكن أن تقبل التجزئة الأجتماعية".
ومن هذا المبدأ الأساسي السادس انبثقت المبادئ الإصلاحية التي تقول بفصل الدين عن الدولة وإلغاء الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون القضاء والسياسة القوميين، لأن كل هذه الحالة تشكل حالة من التمزيق لوحدة المجتمع، كما يشكل الاستبعاد الداخلي الإقطاعي والرأسمالي النظام الاقتصادي السيئ الذي يمزق وحدة الأمة ويقيم التكتلات الاقتصادية المتناقضة, والذي كما قال سعاده يتحول من دون "الوحدة القومية المتينة"، إن أهم ما في هذا المبدأ أن الإصلاح الاجتماعي يرتكز على الشأن القومي.
الاستقلال الروحي والثقافي للأمة:
إن المبدأ الأساسي السابع يحدّد الاستقلال الروحي للأمة السورية بالعودة إلى مواهبها.
فكما أن المبدأ الأساسي السادس هو أهم المبادئ الإصلاحية الاجتماعية التي تُعنى بالنظام الجديد, بالعدل الحقوقي الاجتماعي والعدل الحقوقي الاقتصادي, فإن المبدأ الأساسي السابع يؤكد الاستقلال الروحي للأمة السورية, يؤكد تراثها الحضاري العظيم, إن قاعدة الاستقلال الروحي والثقافي للأمة السورية هي قاعدة هامة في رفض الاستعمار والتبعية بعد أن شوّه الاستعمار هذه الحقيقة, وفي تأكيد حقها في معرفة القيم أو المشاركة في معرفتها بدلاً من أن تفرض عليها فرضاً حقها في المشاركة في بناء الثقافة الإنسانية بالعودة الى جذورها, بالعودة الى ينابيع ثقافتها وحضارتها.
الحضارة السورية عريقة, عمرها آلاف السنين والسوريون القدامى هم أول الشعوب المتمدنة في البحر المتوسط, من سومر وبابل (ما بين النهرين) إلى الشاطئ الكنعاني كانت هداية الحضارة الإنسانية من سوريا.
بهذا التراث العريق أعطت سوريا للعروبة حين أصبحت سورية عربية روح الحضارة في ما عرف بتمازج الحضارات الذي جرى في الهلال السوري الخصيب ثم في الأندلس.
فالحزب السوري القومي الاجتماعي يرفض الرق الاقتصادي، كما يرفض الاستعمار الثقافي، ويؤكد مواهب الأمة السورية وحضارتها واستقلالها الروحي قاعدة لرفض التبعية والاستعمار الثقافي.
المبدأ الأساسي السابع: "تستمدّ النهضة السورية القومية الاجتماعية روحَها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي".
وفي شرح المبدأ يقول سعاده: "والحقيقة إن من أهم عوامل فقدان الوجدان السوري القومي, أو من عوامل ضعفه, إهمال نفسية الأمة السورية, الظاهرة في إنتاج رجالها الفكري والعملي, وفي مآثرها الثقافية, كاختراع الأحرف الهجائية, التي هي أعظم ثورة فكرية ثقافية حدثت في العالم, وإنشاء الشرائع التمدنية الأولى, ناهيك بآثار الاستعمار والثقافة السورية المادية – الروحية والطابع العمراني, الذي نشرته سوريا في البحر السوري المعروف بالجغرافيا بالمتوسط, وبما خلّده سوريون عِظام كزينون وبار صليبي ويوحنا فم الذهب وافرام والمعري وديك الجن الحمصي والكواكبي وجبران وطائفة كبيرة من مشاهير الأعلام قديماً وحديثاً.
أضف إلى ذلك قوادها ومحاربيها الخالدين من سرجون الكبير إلى أسرحدون وسنحاريب ونبوخذنصر وآشور باني بال وتغلاط فلاصر إلى حنون الكبير إلى هاني بعل أعظم نابغة حربي في كل العصور وكل الأمم إلى يوسف العظمة الثاوي في ميسلون".
1- يركز سعاده في شرح هذا المبدأ على نفسية الأمة السورية ذات الخط الحضاري المصارع لبناء حياة أفضل وهو غير النفسية الشرقية المستسلمة لأحكام القدر.
2- النفسية السورية تنظر إلى المستقبل لتسليط العقل على الطبيعة والوجود لمعرفته, لتحسينه, للنهوض به. هذا هو تاريخ الأمة السورية في الريادة العلمية والفلسفية وفي التفكير العملي في سلك البحار واختراع الأبجدية وإقامة المستعمرات والاختراع والاكتشاف والفتوحات الحربية والفكرية.
3- سورية هي التي نشرت الطابع العمراني في البحر المتوسط.
4- منها أخذ الأغريق والرومان وهي التي تمركز الأمويون في عاصمتها دمشق. أوصلت العرب إلى البحر المتوسط ولها كانت الأندلس ملحمة سورية.
5- سوريا هي موئل الحضارات التاريخية التي شوّهها الاستعمار اليوناني – الروماني القديم, ثم حاول الاستعمار العثماني إخماد روحها المتوثب ثم عمل الاستعمار الغربي على تمزيق وحدتها واللعب بمشاكلها الاجتماعية – مشكلة الأقليات.
6- وجاء المشروع اليهودي الصهيوني يحاول أن يمنع وجودها إلى انحطاط طائفي – قبلي مشوهاً حقيقتها الحضارية العظيمة بعد أن سرق من تراثها الذي يخرجه العلماء من باطن الأرض حقائق بدايات الحضارة وأصولها, ما مسخه وسمّاه بتراثه سواء بالأساطير أو الشرائع.
لنذكر هذه الحرب الحضارية بين نهضتنا والاستعمار الثقافي وبخاصة الاستعمار اليهودي القديم والمعاصر. ومضات من تاريخنا القديم والحديث وشرح أعلام النهضة، كما ورد في شرح هذا المبدأ بقلم سعاده: "مصلحة سوريا فوق كل مصلحة خلاصة مبادئنا الأساسية التي تعني هويتنا القومية ومقاصد نهضتنا. (المبدأ الثامن)
هذا المبدأ الذي يضع مصلحة الأمة والوطن فوق كل مصلحة جزئية أخرى لجماعة أو فرد. ويجعل المصلحة القومية أساساً للعلاقات الانترنسيونية, فلن نقاتل إلا لمصلحة أمتنا. لا حروب مجانية لمصالح الآخرين, لمصالح الدول الأخرى, العلاقات الانترنسيونية تبنى على أساس المصالح على قاعدة مصلحة سوريا فوق كل مصلحة. إنه المبدأ الذي يؤكد نزاهة القصد القومي إنه المبدأ الذي يضحّي على أساسه المناقبي الرفيع للفرد في سبيل أمته بحياته. لأن كل مافينا للأمة حتى الدماء التي تجري في عروقنا وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها".
إن هذا المبدأ لا يدعو, كما يشوه أعداء الحزب, إلى أن سوريا هي فوق جميع الأمم من منطلق السيطرة، على غرار شعار ألمانيا فوق الجميع الذي رفعه النازيون.
إن هذا المبدأ يقول بأن مصلحة سوريا – وليست سوريا – هي فوق كل مصلحة أخرى – أو ليس فوق باقي الأمم – وهذه قاعدة أخلاقية في الصراع بمعنى أن مصلحة الأمة والوطن هما بالنسبة لأبناء سوريا, بالنسبة للشعب السوري فوق مصالح الأفراد والجماعات والفئات وفوق مصالح الأمم الأجنبية ومطامعها في بلادنا.
وهذا دليل النزاهة والتجرد في العمل والنضال القوميين. وكل شعب حي يجعل مصلحة بلاده فوق أية مصلحة أخرى بالنسبة له.
إن سعاده يدعو في غاية الحزب إلى العقلية الأخلاقية الجديدة أساساً للنهضة السورية القومية الاجتماعية, وهي مناقب الصراع القومي الذي يقوم على التضحية والتجرد والولاء القومي الاجتماعي نقيضاً للفردية والأنانية والجشع والتهافت الأناني على المنافع المادية.
العقلية الأخلاقية الجديدة هي عقلية التضحية الفردية حتى الاستشهاد وفي سبيل خير الأمة, خير المجموع, في سبيل مصلحة الأمة فوق كل مصلحة. والتضحية والتجرد والقيام بالواجب والتمسك بالنظام وطلب الحرية للشعب, هي قيم الصراحة والصدق, هي قيم القدوة في الصراع المشعّة على الآخرين.
الخلاصة الصراعية:
إن مجمل مبادئنا الأساسية تشكل "الوعي القومي" وللوعي القومي، حسب تعريف سعاده، وظيفة صراعية ثورية: "إن انعدام الوعي القومي في شعبنا أفقدنا معظم مواردنا الأولية الهامة, فهناك بترول الموصل منطقة الجزيرة, وبترول النقب السوري, وهناك أملاح البحر الميت التي وضع اليهود أيديهم عليها, وهناك أراضي كيليكيا والاسكندرون وفلسطين الخصيبة التي انتزعت من السيادة السورية". (سعاده، نداء الاول من ايار 1949).
فالوعي القومي, وعي الأمة ونشوؤها ومزيجها وتاريخها وتفاعلها, والوطن وبيئته الطبيعة ومواردها وحدودها الطبيعية باعتبارها الإطار المادي لنشوء الأمة يعني صراعاً في سبيل توحيدها واسترداد ما سلب من سيادة الأمة على الوطن من أجزاء, يعني حرب التحرير القومية.
من الواضح أن المبادئ الأساسية تؤكد مبادئ الهوية والسيادة القوميين غير منفصلين, فالوعي بالهوية القومية هو للحصول على السيادة القومية, وتؤكد مبادئنا الأساسية استقلالنا الروحي والثقافي كوننا أمة حضارية لها نظرتها إلى الحياة والكون والفن وترفض التبعية للاستعمار الثقافي أو مسخ تاريخنا الحضاري القومي الذي هو أساس التمدن الإنساني، كما ترفض مبادئنا تجريد أمتنا من مواردها ومن سيادتها على كل شبر من الوطن السوري، وكل ما عليه من موارد التبعية الاقتصادية للاستعمار العالمي في نهب موارد وطننا أو استيطانه أو اغتصاب أي جزء منه.
المبادئ الإصلاحية: النظام القومي الاجتماعي الجديد:
المبادئ الأساسية تتركز حول فكرة الأمة – الوعي القومي – السيادة القومية. إنها تحدّد هويتنا القومية على أساس وحدة الأمة والوطن.
المبادئ الإصلاحية, مبادئ النظام الجديد, لدولة الأمة القومية تقيم العدل الاجتماعي – الحقوقي بتحقيق المبدأ الاساسي السادس "الامة السورية مجتمع واحد"، وهي تأكيد بانبثاقها من المبدأ الاساسي القومي على انبثاق المضمون الاجتماعي, "العقيدة الاجتماعية"، كما قال سعاده: "للسوريين القوميين الاجتماعيين" من "عقيدة وحدة الأمة وهويتها القومية". إنه توكيد على وحدة الثورة القومية الاجتماعية.
المبادئ الإصلاحية الثلاثة الأولى: فصل الدين عن الدولة، ورفع الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب, ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون القضاء والسياسة القوميين, تزيل أسباب "الفتنة الدينية"، وتؤكد حرية المعتقد الديني الشخصي وحرية عدم الاعتقاد باعتباره أمراً وجدانياً لكل شخص، لكنها ترفض صبغ دولة المجتمع بصباغ ديني أو مذهبي معين وتزيل الحواجز الطائفية بين المواطنين وترفض التمييز الطائفي أو المذهبي بينهم وفي كل حقوق المواطنة وواجباتها.
وفي المبدأ الإصلاحي الرابع تزيل أسباب الفتنة الطبقية بإلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة فترفع الاستغلال الإقطاعي والرأسمالي عن كاهل المنتجين.
يقول سعاده في "المحاضرات العشر" في شرح هذه المبادئ:
"لا يمكن أن تكون أمة واحدة إذا لم يكن هناك مجتمع واحد, إذا لم تكن البيئة الاجتماعية واحدة, فإذا حصلت تجزئة في المجتمع تعرّضت الأمة لخطر الانحلال النهائي والاضمحلال. فالحركة القومية الاجتماعية تقيم بهذا المبدأ وما تعلق به حرباً عنيفة مميتة بين عوامل تجزئة المجتمع إلى مجتمعات والأمة إلى أمم، هذه العوامل تجعل من كل طائفة دينية ومن كل عشيرة أو طبقة مجتمعاً قائماً بنفسه وأمة منفصلة عن الطوائف والعشائر أو الطبقات الأخرى".
والتجزئة الاجتماعية جانب منها روحي نفسي سببه النعرات الطائفية والعنصرية وثقافات التجزئة والاستعمار وجانب منها مادي اقتصادي سببه قيام علاقات إنتاج فاسدة يتحكم فيها الإقطاع والرأسمال الفردي بمجموع الشعب المنتج الكادح ليفرض سيطرته الاقتصادية على أمتنا وينهب مواردها (النفط – المعادن – المياه) وهذا هو "نظام الطبقات الانترنسيوني" نظام الامبريالية والاستعمار الذي حدده سعاده في مقاله "النظام الجديد" (شروح في العقيدة) وهو نظام يقوم على سحق الأمم التي يسيطر عليها, ويقول سعاده: "لولا الرأسمالية لم يكن ثمة استعمار سياسي اقتصادي" (سعاده، الآثار الكاملة، ج. 6، ص. 141).
ويقول سعاده في خطابه في دير الغزال في 1949 راسماً صورة كاملة لاستراتيجية الثورة القومية الاجتماعية حرب التحرير القومية "إنها اليهودية الجديدة المتصهينة الزاحفة بسلاح انترنسيوني عظيم واسع (أنابيب النفط الامبريالية). إنها الاحتكارات الخصوصية في شعبنا. إنها الإقطاعات التي تقيم من بعض الناس سادة يستعبدون الكل, إنها رأسمالية مادية خانقة, تقطع العامل والفلاح في هذه البلاد الذي هو كل البلاد وكل الشعب".
هنا يربط سعاده ربطاً محكماً بين الاستعباد الداخلي والاستعباد الخارجي، كما أنه يتوجّه إلى قوى الثورة القومية الاجتماعية التي تواجه دفعة واحدة, وفي عملية ثورية واحدة التناقض الاجتماعي مشدوداً إلى التناقض القومي الأكبر, ومقولة سعاده الأساسية في هذه الاستراتيجية الثورية هي أن العمال والفلاحين وجميع المنتجين مغروزون بقضية أمتهم لا قضية لهم خارجها ولكن أيضاً فإن القضية القومية تجد فيهم عصبها البشري والثوري لأنهم عصب الإنتاج, عصب الدورة الاجتماعية الاقتصادية. هذه هي مقولة سعاده الثورية الشاملة. لذلك رفض سعاده الاستعباد الداخلي واعتبره حليف الاستعباد الخارجي واعتبره منافياً للوحدة القومية المتينة.
"نحن حاربنا ونحارب الاستعباد الداخلي الذي يتخذ من الإقطاعية والرأسمالية والتكالب على المصالح والمنافع واسطة وشكلاً. الاستعباد الداخلي حليف للاستعباد الخارجي والذي لولاه لما فقدنا كيليكيا والاسكندرون وفلسطين". (سعاده أول آذار 1944).
ولهذا شدد سعاده في غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي على الربط بين القضية القومية المستهدفة في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وتعاليمه بما هي مبادئ "الوحدة القومية المتينة" وبين "النظام الجديد" لأن "الوحدة القومية المتينة"، لا يمكن أن تقوم على نظام اجتماعي سيئ أو نظام اقتصادي سيئ" (سعاده، المحاضرات العشر).
لقد اكتشف الماركسيون في بلادنا في مؤتمرات نقد ذاتي منذ أواخر الستينيات خطر وخطأ اقتلاع المسألة الاجتماعية من القضية القومية, وقالوا في نقدهم الذاتي لمسلكهم السابق إنهم فهموا خطأ أن القضية القومية هي قضية الإقطاعية البرجوازية وأن الصواب هو أنها قضية الشعب بعماله وفلاحيه وكادحيه.
بالمقابل يكون الخطأ إذا طرحنا القضية القومية من دون المضمون الاجتماعي لأن شد المنتجين والكادحين والعمال والفلاحين إلى الانتماء القومي والقضية القومية لا يكون بالطرح المجرد بل بإبراز ارتباط حياتهم, حياة مجموع الشعب بحرية الوطن واستقلاله ووحدته وسيطرة الأمة على مواردها لتوزيع الغنى لا الفقر وبالنظام الاجتماعي الاقتصادي الذي ينهي حالة الرق والعبودية ويتيح للمواطنين المنتجين والكادحين بنيل نصيبهم العادل من الثروة العامة. إنّ الوحدة القومية تعني الازدهار الاقتصادي لأنها تعني إعادة الحيوية للدورة الاجتماعية الاقتصادية الكاملة المستفيدة من كل موارد الوطن الطبيعي الممزق. إن سعاده يكشف في المحاضرات العشر كيف أن الرأسمال الكياني في الشام ولبنان كان مسؤولاً عن القطيعة بين الكيانين التوأمين وأن المعركة هي بين الرأسمال الفردي والمصير القومي.
واعتبر سعاده أننا نسير إلى حرب التحرير على أساس تحقيق الوحدة القومية الاجتماعية "من الوجهة الروحية" بتخطي النزعات الطائفية والدينية المجزِّئة والوحدة من "الوجهة الاجتماعية"، فنسير لا لننصر إقطاعياً أو رأسمالياً بل لنقيم نظاماً واحداً ومجداً واحداً للجميع. (سعاده، الطلاب نقطة ارتكاز في العمل القومي الاجتماعي).
واعتبر سعاده أن الحركة السورية القومية الاجتماعية هي "حركة شعبية واسعة النطاق وثورة اجتماعية – اقتصادية – سياسية"(أول آذار 1938). وأكد سعاده على أن الحركة القومية الاجتماعية هي "حركة الشعب لأنها حركة العمال والفلاحين الكادحين.. حركة أصحاب المهن الحرة والمثقفين الذين يعملون ليل نهار في الإنتاج الذي لا يدعمه رأسمال ولا تحميه حكومة". واعتبر سعاده المبدأ الإصلاحي الرابع "مبدأ إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الدولة" هو الجانب الاجتماعي المادي في الثورة القومية الاجتماعية المتكاملة. وحدّد سعاده شمولية الثورة القومية الاجتماعية على أنها "نهاجم الحزبيات الدينية, نهاجم الإقطاع المتحكم بالفلاحين, نهاجم الرأسمالية الفردية الطاغية, نهاجم العقليات المتحجرة المتجمدة نهاجم النظرة الفردية – ونستعد لمهاجمة الأعداء الذين يأتون لاجتياح بلادنا بغية القضاء علينا, لنقضي عليهم". (سعاده، المحاضرات، ص. 167).
يتبين من هذا:
1- إن الثورة القومية الاجتماعية تستهدف بناء المجتمع القومي المتماسك في وجه المخطط المعادي "تجزئة المجتمع" لتعريض الأمة لخطر الانحلال النهائي والاضمحلال وبالحرب، هي حرب وجود شاملة.
2- إن التمزيق الطائفي والقبلي والعنصري للأمة الذي هو رهان وتحالف الخطة الصهيونية الاستعمارية مع عصر الانحطاط يؤدي إلى اضمحلال وفناء الأمة، لذلك فالنهضة حاملة الحياة الجديدة إلى الأمة تقوم على مبدأ وحدة المجتمع بإلغاء كل ما يمزق وحدته ويحل ولاءات عصر الانحطاط محل الوعي القومي الموحّد.
3- إن الظلم الاجتماعي بإقامة علاقة الأسياد بالأرقاء في الاستعباد الداخلي الإقطاعي والرأسمالي مرفوض من الحزب السوري القومي الاجتماعي، لأنه منافٍ لتحقيق "الوحدة القومية المتينة"، لذلك فالصراع من أجل إقامة النظام الجديد من الوجهة الروحية" ومن "الوجهة الاجتماعية" وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج ونيل المنتجين نصيبهم العادل منه من دون استغلال إقطاعي أو رأسمالي فردي.
4- إن الثورة القومية الاجتماعية شاملة "الوجهة الروحية" "الحزبيات الدينية – العقليات المتحجرة المتجمّدة – النظرة الفردية" و"الوجهة الاجتماعية الفردية" "الإقطاع المتحكم بالفلاحين الرأسمالية الفردية الطاغية".
إن هذه الثورة القومية الاجتماعية – المدرحية المادية – الروحية الشاملة كل حياة المجتمع تستهدف توحيد المجتمع بإسقاط كل ما يمزّقه من فتنة طائفية أو فتنة طبقية, من ظلم اجتماعي روحي أو مادي لتحقيق وحدته القومية المتينة في ظل نظام قومي اجتماعي جديد يدفع بالأمة الموحّدة الى استرداد ما فقدت ودحر المعتدين في حرب التحرير القومية وثورتها القومية الاجتماعية وإقامة نظامها الجديد, "يجب علينا أن ننهض كأمة حية وأن نزيل من طريقنا جميع الصعوبات التي تعرقل أو تمنع نهوضنا. وأهم ما يجب أن نزيله من الصعوبات صعوبة الفتنة الدينية وصعوبة الفتنة الاجتماعية – الاقتصادية. وإزالتهما تكون باعتناق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الموحدة". (سعاده، الإسلام في رسالتيه) ومبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي تقول بإزالة الفتنة الدينية بفصل الدين عن الدولة وإزالة النظام الطائفي, وتقول بإزالة الفتنة الاجتماعية – الاقتصادية بإلغاء الإقطاع وإسقاط سيطرة الرأسمال الفردي على الإنتاج.
يقول سعاده في مبدأ إلغاء الإقطاع "إن هذه الإقطاعات كثيراً ما يكون عليها مئات وألوف من الفلاحين يعيشون عيشة زرية في حالة من الرق يُرثى له, وليست الحالة التي هم عليها غير إنسانية فحسب، بل هي منافية لسلامة الدولة بإبقائها قسماً كبيراً من الشعب العامل والمحارب في حالة مستضعفة, وخيمة العاقبة على سلامة الأمة والوطن". (المبدأ الاصلاحي الرابع).
ويقول سعاده في الرأسمال الفردي المستحوذ على وسائل الإنتاج، "ولكن بعض الناس الذين استعملوا الآلة الحديثة رأوا أن يستغلوا الناس الذين لم يكن ما يمكنهم من الحيازة على الآلات الضخمة الحديثة. إن سوء الحالة الاقتصادية ليس من الآلة, بل من النظام السيئ نتيجة النظرة الفردية اللامسؤولة عن المصير القومي في استخدام الآلة الحديثة. ونهضتنا تريد أن تضع حداً لهذا الاستعباد ولأصحاب الرساميل الفردية الذين يستعبدون بواسطتها الناس". (المحاضرات العشر، ص. 153), هذه هي مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الموحّدة.
أنها لا توحّد على أساس الطائفية ولا توحّد على أساس الإقطاع والرأسمالية, إنها توحّد على أساس إسقاط أنظمة الحرمان التي "تعرقل أو تمنع نهوضننا" لتقيم وحدة مجتمعنا المتحررة من تناقضات الفتنة بمظهريها المادي – الروحي.
إن الخلاصات التي تحدد ملامح النظام الاقتصادي القومي الاجتماعي، هي:
الاقتصاد الكياني هو اقتصاد الفقر.
2- "المنتجون غلالاً وصناعة وفكراً هم العمال والفلاحون وأصحاب المهن والفنون والعلوم, أي أصحاب المواهب والمهارات المنتجة عقلاً وساعداً". وهذا يجعل "معظم الشعب" المنتج في ضفة والرأسماليين والإقطاعيين المستغلون حلفائهم الساسة الخصوصيين أرباب النظام القديم في ضفة أخرى. وهؤلاء يصفهم سعاده "بأعداء الأمة".
"فمعظم الشعب" يقف ضد "أعداء الأمة" والصراع على أساس المصير القومي الذي يتلاعب به أعداء الأمة ويبيعونه للأجنبي وعلى أساس تحالف الاستعباد الداخلي مع الاستعباد الخارجي.
3- إن الاستغلال الرأسمالي والإقطاعي هو "النظام الاقتصادي السيئ" الذي اعتبره سعاده منافياً لوحدة الأمة "للوحدة القومية المتينة" (المحاضرات العشر، ص. 143).
يقول سعاده "نقول بالحق والعدل الذي يجعل مجموع الشعب في حالة خير وبحبوحة فلا يكون أناس في السماء وأناس في الجحيم" (المحاضرات العشر، ص. 147) "فالفتنة الطبقية" التي يحذّر منها سعاده هي نتيجة "وجود أناس في السماء وأناس في الجحيم" وزوالها يكون بزوال هذه الحالة وإقامة العدل الاجتماعي الاقتصادي.
4- إن القومية الاجتماعية في فلسفة الحرية, القيمة العليا من قيمنا, الحرية, النظام, القوة, الواجب. يقول سعاده: "الحق والحرية هما قيمتان أساسيتان من قيم الإنسان – المجتمع. كل مجتمع يفقد هاتين القيمتين يفقد معنى الحياة السامي, الحياة بدون هاتين القيمتين, الحياة عدم". (سعاده "الحق والحرية"، كتاب شروح في العقيدة، ص. 173).
ويضيف سعاده في النظام الرأسمالي بأن استعباد أصحاب الرساميل الفردية الناس بواسطة تملكهم الآلة. (المحاضرة الثامنة ص. 147 من المحاضرات العشر). أي أن الملكية الفردية لوسائل الإنتاج تقود الى علاقات الاستعباد. كما يصف سعاده الإقطاع بأنه يجعل "مئات وألوف الفلاحين يعيشون عيشة زرية في حالة الرق يُرثى لها". (شرح المبدأ الإصلاحي الرابع).
إن موقف القومية الاجتماعية المبدئي والأساسي من النظامين الرأسمالي والإقطاعي خاضع لهذه القاعدة الكلية المنبثقة من تناقض الحرية – القيمة العليا في الفلسفة القومية الاجتماعية, مع ظاهرة "الاستعباد التي وصف بها سعاده النظام الرأسمالي وحالة الرق التي وصف بها النظام الإقطاعي.
إنها المرحلية في التعامل مع هذه الأوضاع حسب ظروف تطور المجتمع ومصلحته وإنمائه لا تعني نقض القاعدة بل العمل على أساسها بلوغاً للهدف مرحلياً. فقد لا يلغي التملك الفردي لوسائل الإنتاج دفعة واحدة وقد يُستعان به في حيّز معين، ولكن القاعدة أن المجتمع هو المالك الدائم والثابت لوسائل الإنتاج وللثروة القومية.
5- إن القومية الاجتماعية هي نقيض الفردية كنزعة نفسية أدانها الزعيم واعتبرها أخطر من الاحتلال الأجنبي وكنظام اقتصادي على السواء.
6- إن القومية الاجتماعية ترفض النظام الرأسمالي على الصعيد الإنساني باعتباره، كما قال سعاده، نظاماً لم يحل مشاكل المجتمع بل أوجد تشنجات ومشاكل جديدة "ولم يعد صالحاً للبقاء"، وباعتباره الرأسمال الفردي كوّن طبقات مسحوقة (مقال سعاده "النظام الجديد"). وهذا النظام يقوم على أساس جماعية الإنتاج بحيث باتت فردية التملك تشكل تناقضاً بين الإنتاج وتطوره وعلاقات تملُّكه وإطارها (نشوء الأمم).
وإن النظام الرأسمالي إلى ذلك ونتيجة ذلك يتميز بالظلم الاجتماعي بعلاقات السادة الأرقاء بالاستعباد الداخلي, كما انه يتميز هو والنظام الإقطاعي بهدر ثروات الأمة وطاقاتها وتمكين الرأسمال الأجنبي من السيطرة على ثروات الأمة.
7- إن القومية الاجتماعية ترفض النظام الرأسمالي قومياً باعتباره نظاماً تابعاً "لنظام الطبقات الانترنسيوني" للامبريالية أي للاستعمار العالمي. ومن هنا تدعو، حسب كتاب "المحاضرات العشر" الى قيام الدولة القومية بإخراج الأمة من علاقات الرق والاستعباد لهيمنة الدول الرأسمالية الكبرى وذلك بإيجاد الصناعات القومية لمنع استمرار سيطرة الصناعات الاستعمارية على السوق القومي (راجع مقال الزعيم: الاستقلال السياسي والاستقلال الاقتصادي ج. 6، الآثار الكاملة).
8 - إن القومية الاجتماعية في المبدأ الاصلاحي الرابع تؤكد أن "الرأسمال ملك قومي عام مبدئياً" وأن "الإنتاج حق عام لا حق خاص" وان "الرأسمال هو حصيلة الإنتاج".
هذه هي القاعدة: ملكية المجتمع, اجتماعية الرأسمال.
أما الاستثناء فهو جعل الأفراد يتصرفون به مرحلياً بالقيمومة او الائتمان. هنا يعدل سعاده مفهوم الملكية الشخصية من حق طبيعي كما هي في النظام الرأسمالي إلى تدبير استثنائي لوظيفة اجتماعية يمكن إبقاؤها مرحلياً او سحبها متى اقتضت مصلحة المجتمع الذي هو المالك الأساسي والدائم.
10- إن مرحلية تطبيق اجتماعية الإنتاج قد تقضي بحيز للملكية الفردية الشخصية مع التشدد على وظيفتها الاجتماعية المرحلية الخاضعة لمبدأ ملكية المجتمع الدائمة الثابتة. ولأن الاقتصاد، حسب المبدأ الإصلاحي الرابع ينظم على اساس الإنتاج؛ فكل ملكية غير منتجة تلغى.
11- إن الملكية الشخصية الاستهلاكية (البيت, السيارة) مباحة, لكن موضوع البحث هو الملكية الإنتاجية كمصنع او مزرعة والتي فيها القاعدة ملكية المجتمع الا حيث مرحلياً يؤتمن أفراد على تسيير الإنتاج بالقيمومة او الائتمان وبخضوعه لمصلحة المجتمع في الإبقاء الملكية الفردية أو إلغائها أو جعلها مشتركة مع الملكية العامة.
المبدأ الإصلاحي الخامس: "إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن"
كل مبادئ النهوض بالأمة لا يمكن تحقيقها إذا لم نصارع في سبيل إزالة الاستعمار والاستيطان الصهيوني والعدوان والتجزئة الحفاظ على الأمة والوطن في ظروف الصراع القومي. مبدأ إعداد جيش قوي يصون الحق القومي بعد أن عاشت أمتنا ويلات التجزئة الاستعمارية والاغتصاب والعدوان وتهديد وجودها القومي بالمحق هو التجسيد العملي لكل مبادئ الحزب في عراك المصير.
يقول سعاده "إن تنازع موارد الحياة والتفوق بين الأمم هو عبارة عن عراك وتطاحن بين مصالح القوميات. ومصلحة الحياة لا يحميها في العراك سوى القوة, القوة بمظهرها المادي والنفسي (العقلي). القوة النفسية, مهما بلغت من الكمال, هي أبداً محتاجة الى القوة المادية التي هي دليل قوة نفسية راقية. لذلك فإن الجيش وفضائل الجندية هي دعائم أساسية الدولة.
"إن الحق القومي لا يكون حقاً قومياً في معترك الأمم إلا بمقدار ما يدعمه من قوة الأمة. فالقوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره".
"وإن ما نعنيه بالجيش هو جميع أقسامه البرية والجوية والبحرية, فإن الحرب التي ارتقى فنها ارتقاء كبيراً توجب أن يكون تأهبنا كبيراً".
"الأمة السورية كلها يجب أن تصبح قوية مسلحة".
"لقد اضطررنا إلى النظر بحزن إلى أجزاء من وطننا تسلخ عنه وتُضمّ إلى أوطان أمم غريبة، لأننا كنا فاقدين نظامنا الحربي وقوتنا الحربية. إننا نريد أن لا تبقى في هذه الحالة من العجز. إننا نريد أن نحوّل جزْرنا الى مدّ نستعيد به كامل ارضنا وموارد حياتنا وقوتنا".
"إن اعتمادنا في نيل حقوقنا والدفاع عن مصالحنا على قوتنا".
"نحن نستعد للثبات في تنازع البقاء والتفوق في الحياة وسيكون البقاء والتفوق نصيبنا".
"القوة هي القول الفصل في إحقاق الحق القومي أو إنكاره فالقوة هي لإحقاق الحق القومي, هي مسخّرة للحق وليس للباطل. القوة هي لصيانة الحق كقيمة في صراع البقاء والمصالح بين الأمم, فلسنا نستخدم القوة للعدوان بل للتحرير وصيانة الحق القومي".