يمكن لأن خلقنا بالحرب وعشنا بالحرب، كانت ألعابنا متأثره فيها ومستوحاة منها... كنت أصغر واحد وكتير صغير لإلعب مع ولاد الحيّ "حرب البلوط" بس عنادي كان يجبر خيي يخلّيني قطّف ولملم معهن الزخيره من البلّوط من حرش السنديان تبع عمّي اللي فوق البيت، قبل ما نطلع عساحة المعركه بملعب مدرسة "أمين الريحاني" المهجوره. وكانو الولاد ينقسمو فريقين ويتهيئو ليراشقو بعضهن بالبلّوط، كان خيي ياخدني بفرفته وقبل ما تبلش الحرب يغمز قائد الفرقه التانيه، اللي دغري يخطفني رهينه، أسير حرب، ويسجنّي تحت السنديانه الكبيره، وانا عيش الدور، بلا ما كون مكبّل ولا ورا قضبان ولا في أي حارس عليي. بس مقتنع إنّي عم بلعب دور الأسير اللي ناطر يتخلّص من الأسر...
كنت اقعد تحت السنديانه، اتفرّج عليهن، عحربهم العبثيه اللي ما إلها معنى، وما بتخلص بمعنى. ولاد عم تركض وتصرخ وتراشق بعضها بالبلّوط... وانا قاعد تحت سنديانة الأجيال المعتّقه بالعمر، ياخدلي خيالي برّات صريخ الولاد، بلبل عم يتنقل بين غصون السنديان ويترغل وينقود بلوط وتخلّيني مجموعه من النمل عم تتعاون لتحمل بلوطه فكّر بكتير أشيا ما كنت عم بفهمها. فكّرت بجدي وجدّ جدّي اللي زرعله هالسنديانه. قطفت منها بلوطه خضرا، كسرتها بسناني وأكلتها، مرمرتلي لساني، شربت شربة ميّ، صار الطعم بتمي أحلى من العسل فكتبت بعد شي 35 سنه بكتاب الطارق، "بحثت عنّي كثيراً في التاريخ والفلسفة والدين وعلم النفس والكيمياء والفيزياء، وجدتني في حبّة بلّوط، قطفتها، أكلتها وشربت القليل من الماء..."
خلصت الحرب بعد ما زهقو، رجع خيي عالبيت، سألته إمًي راجع وحدك، وينه خيّك؟
قلّها: بعدو بالأسر!
ومن يومها بعدني بالأسر الأكبر من الحريّة.