رباعية الغضب ... والشوق (للشاعر احمد أصفهاني)

مقالات

قصيدة ذات مخالب من نور ونار

ابراهيم، شريف

- 1 -

كي لا تسمعه الريح جاء صوته خافتا، ممهورا بالخوف وفعل الامر معا، يخاطب من (كانت معه) محذرا من الاتي.. طالبا منها اقفال مداخل المكان ووصدها بإحكام تام.

وبتمتمات غير مفهومة كمعزوفة موسيقية من دون الات يستعجلها بوقد النار طلبا للدفء كأنه اصيب بحشرجة من الصقيع اصابت جسده النحيل، مصحوبة بالرعب.

(إنها الريح الحزينة...

اغلقي الباب المشرع

سمري الشبابيك العتيقة

وشرعي للجمر موقد الجدار (

هكذا يدخل احمد اصفهاني

الى قصيدته ) رباعية الغضب ... والشوق (

المهداة الى (حبيب) يطلق بها

نفير الرعب والخوف من وحشة

المكان، فالصهيل مرعب والزمهرير مرعب وجمر الرماد

مرعب ايضا.......

الشاعر كان وحيداً، يطلب من ذاته ان توصد الباب والشبابيك وتوقد النار طلبا للدفء...

والمكان هو المناخ العام المحيط به او الحالة الصعبة التي يعيشها والمتخمة بفجائية السلبيات لوقت غير ايجابي.

لكن اصفهاني لم يستسلم للرعب، فأضاء المكان بشعلة الشعر واحتمى بقصيدة ذات مخالب من نور ونار.

- 2 -

تتدرج مشهدية القصيدة وتنجلي في ذاكرة العلاقة بين (الرمل.. والريح الحزينة) حيث تسامت ارجوانية الدم الزكي بالاستشهاد الأسمى للزعيم انطون سعادة يوم اغتالته رصاصات (سايكس- بيكو) على شاطىء (الرملة البيضاء) في بيروت ورغم ذلك قال: شكرا لجلاديه.

يومها جاءت الريح حزينة ممزوجة بغضب البحر، تلملم عبق الشهادة المنثور بين حبات الرمال، لتنثرها حياة جديدة مع كل فجر لجيل جديد، لكي و(للأسف) لا يتفرق ) رفقة درب تاهوا في كل الدروب (.

على رمالك يا بيروت لي عبق

يفوح شكرا من الجرح الذي رعف

يا رمل بيروت فلتشهد لنا بطل

في وقفة العز فوق العز قد وقف.

- 3 -

الحالة الحزينة تتضح في البحث الدائم للشاعر عن نهوض ضائع بين ركام الانقسامات وحطام الانشقاقات التي اصبحت فلكلوراً (رفقائيا) يمارسه اصحاب المصالح الخاصة والنزعات الفردية القاتلة.

(رفقة الدرب تاهوا في كل الدروب لم يبق في الأفق إلا صدى أصوات همهمات أغنية قديمة ووقع خطى العابرين).