راجع كلمة الشاعر شريف ابراهيم عن هذه القصيدة
(1)
إنها الريح الحزينة...
اغلقي الباب المشرّع
سمّري الشبابيك العتيقة
وشرّعي للجمر موقدة الجدار.
البرد هاجر من أزقته البعيدة،
وزمهرير الليل
عاصفاً يأتي ليسكن القلب الغريب.
فدثريني... دثريني.
مرعبٌ صهيل الريح،
مرعبٌ جمر الرماد،
وقاتلٌ خواء الروح في موسم المطر!
(2)
الرمل... والريح الحزينة،
ورفقة درب تاهوا في كل الدروب.
لم يبقَ في الأفق إلا صدى أصوات،
همهمات أغنية قديمة،
ووقع خطى العابرين.
غداً،
عندما لا تهتز سعف نخلة،
وتموت النسمات في حقل القصب،
والعشب النديّ يذوي بذهول.
غداً،
تُطلقين الصوت في القفار:
"جاءت أعصر الجليد،
فأين شعلة اللهب؟
أين الذين عمرهم جرح،
وحبهم ذبح،
ولمسهم دفء ونار؟"
غداً تجيبك همسة الغضب!
(3)
كالنور أنت يا ابنة الثلج،
كالشمس حين تخرق صدر غيمة،
أو حين تلمس غرّة الموج...
نناديك:
"عراة تقودنا لهفة الشوق.
تمهلي... تمهلي...
خففي لهاث الخطو
علنا ندفيء الجسد الموات
في لجة الوهج".
آه يا ابنة الشمس... أنتِ يا ابنة الثلج.
(4)
ألمس خفق القلب، ومض العين، رعشة الجسد.
ينسلُ من عمري المديد
نزف الحنين ولوعة الحلم الجميل.
أصرخ فيكِ يا ابنة النور المضيء:
"كيف صار الدم بعضاً من صديد،
وبعضاً من مياه ضيّعت ثأر القتيل؟"
ليس يكفينا السؤال،
ليس يكفينا الجواب...
ليس يكفينا... وقد دُفن القتيل!