نعتذر من مطركِ الهاطل على روابينا، لأننا لم نعرف معنى أن يكلل الأخضر سفوح جبالنا وقممها العالية، وأن لمجاري السواقي نهايات على ضفاف الأنهار المنحدرة نحو بحرنا السوري.

نعتذر منك يا سناء لأننا لم نستطع جرّ مياه ينابيع بلادنا إلى حقولنا العطشى في زمن سيول الأمطار الآسنة.

نعتذر من صوتك لأننا فشلنا في تقكيك شيفرة طبقاته إلى ألحان نتذوقها في صباحاتنا الجميلة ونسهر على أنغامها في لقاءاتنا الليلية.

نعتذر من شجاعتك وأنت تخترقين جدار الصمت، وتفتحين بوابات الدخول إلى زمن العمليات الاستشهادية المؤسسة لأرقى وأدقّ وسائل النضال.

نعتذر من عينيك اللتين جمعت بين أخضر روابينا وأزرق بحرنا السوري في أجمل لوحة تداخلت الألوان فيها فكانت بداية البدايات لزمن الانتصارات التي ما عرفنا كيف نكون فيها نبض الحياة.

لم يكن يومك يا سناء كبقية الأيام، ولم تكن إشراقة شمسه كالإشراقات العادية، كان يومك يا سناء إشارات الزمن التالي، وإشراقة شمسه خيوط التواصل بين البطولة المؤمنة المؤيد بصحة العقيدة وجنائن يجب أن تكون من عجائب الدنيا الحديثة.

نعتذر من أحمر دمك لأننا لم نستطع أن نجعله رمزاً يجمعنا في لحظات فرحنا وحزننا.

نعتذر منك ألف مرة لأننا فشلنا أن نكون استشهاديين في نضالنا الحزبي والثقافي والسياسي كما كنت استشهادية في ميدان المعركة العسكرية. ولم نتعلم أن بطولة اللحظة في أي نوع من أنواع النضال هي بوابة الدخول إلى زمن النهضة السورية القومية الإجتماعية.

نعتذر منك في يوم استشهادك لأننا ضللنا الطريق ومشينا خلف قطارات لا تشبهنا، ولم نحاول ولو لمرة واحدة أن نكون القطار، أن نكون نحن.

نعتذر منك يا سناء لأننا حفرنا بأظافرنا نهاياتنا الموجعة.

موجِع حالنا يا رفيقتي، نحن الذين قررنا أن نكون للحياة الجديدة منابر، تعبث في ديارنا مظاهر مؤامرات المماليك، وزمن الفِرق الباطنية، والكتل المتنازعة على الفوز بالشرعية، لقد أصبحت المسافات بين التنظيمات الانشقاقية والنهضة كالمسافة الفاصلة بين الحق والباطل، والمسافة بين النهضة وأبنائها تقطّعت بحواجز من طين فلا الماء أذاب الطين ولا القيظ فككه، وما زالت الإرادة تحاول تحويل الحواجز إلى جسور عبور.

أعرف أنك عاتبة فكل مواعيدهم كانت مواعيد عرقوب، وكل وعودهم كانت كاذبة، وأعرف أنك باقية حية معنا بفعل النهضة، وفعل الإيمان بأننا حركة منتصرة مهما تراكمت المعوقات.

في يومك يا سناء، يهطل مطرك غزيراً على فلسطين، فنرى الشباب يتسابقون إلى ميادين القتال وما همهم إن استسشهدوا أو نجت أرواحهم من الموت.

في يومك ياسناء، نحاول أن نكون لإستشهادك أوفياء.

ليومك يا سناء نقطف زهر النرجس الأبيض، ونضعه باقات على قبرك.