كلُّ الدروبِ لا تفضي لشيءٍ
إذا ماتتِ القيمُ…
سأموتُ، بعدَ كلّ فصلٍ،
واقفًا كسنابلِ الحصاد،
هازئًا من زيزانِ الحقلِ،
من ديدان القبور،
من الفراشاتِ حول مصباحِ الضّجر،
من الجنِّ في كتبِ أخي المخيفةِ العناوين،
من الضّجيجِ الذي لا يزيدُ الأرضَ ذرّةً،
من موتِها تحتَ السّماءِ القِمَمُ…
أراني…
أراني ترابًا لماءِ وردةٍ
على شرفةِ هارِبَينِ من الجحيمِ
بقبلةٍ…
أراني سفينةً تعبرُ الملحَ في شقوق الخشب،
قرصانًا ميْتَ العينينِ على ساريةٍ
يومئُ للضّوءِ بصوتِ البحرِ
والأصداف،
لا امرأةً تغريه ولا كنزًا،
جعبتُه الملحُ
والأصدافُ يزرعُها مواسمَ فرحٍ للأطفال…
أراني فكرةً حول قلادةٍ لا تُفَكُّ طلاسِمُها،
أراني بخارًا في هذا الزّحامِ الهجينِ
يسخرُ من البؤساءِ، من الأغنياءِ،
من الأذكياءِ، من الحمقى،
في لهاثِهِم وراءَ الخبزِ والماء…
كلُّ الدّروبِ لا تفضي لشيءٍ
إذا ماتتِ القيمُ…
أراني جنديًّا مُذْ كنتُ طفلا
يرتاحُ لسيفٍ لا يفارقُ الجرحَ
في سعيها إلى السّماءِ الهِمَمُ،
ينحني، إذا انحنى النّصلُ، مبتسمًا،
يشدُّ سُيُورَ حذائِهِ،
يشيرُ لنارٍ (لا تُبقي ولا تذَرُ):
هذا… “هذا أوانُ الشدِّ
فاشتدّي زِيَمُ”…!