-1-
أعلن الان اشتعالي
أعلن الآن انكسار الطعنات
إنّ مدّ البحر يرتدّ لبحره
ودم الغدر لنحره
كلُّ شيءٍ يتعرّى
كلُّ شيءٍ يرتدي عري الخريف
فالأغاني جرّدت كلَّ احتمالات الغناء
والمواعيد صحت من نومها
والسواقي فجّرت دفء الحقول
للتمني لم يعد غير فراغ الامنيات
الصدى يرتدّ مهزوما ويهوي في مداه
إنك الآن صداه
أيّها الطاعن في الحب وفي غابات حزنك
أيّها المطعون في القلب
لمن هذا الضياع.
جئتك الآن كطير،
شاهرا نزف العصافير الجريحة
في غنائي:
يلفظ الجرح نزيفه
يلبس الحور خريفه
جئتك الآن كطير،
شاهراً نزف العصافير الذبيحة
أرسم الخوف عميقا للفراغ
موغلا في الحزن حتى الموت،
في الصوت
وفي الصمت المدمّى.
- 2 -
أعلن الان اشتعالي
أعلن الان انكسار الطعنات
إنّ قلبي موصل للعاشقين.
كبر العشق بعيدا في امتداد الأزمنة
للمدى طعم المسافات،
وابعاد التواصل.
فاشعلي دفئي وشمسي،
وخذيني موعداً لا ينتهي،
او قبلة لا تنتهي.
أيّ عشب غير قلبي قابل للاخضرار.
كل ازهار البساتين انتمت للتسميات
ما عدا: انت وقلبي.
كبر العشق بعيداً في اتّساع الأمكنة
ضمّدي الصهوة من كبوتها
وادخلي كل تفاصيل الجنوب.
وخذيني موعداً لا ينتهي
او قبلةً لا تنتهي.
أيّ حزن غير حزني قابل للإنتصار
أيّ جرحٍ غير جرحي صالح للإخضرار
كلّ أزهار البساتين - هنا -
لا تنتمي للتسميات
ما عدا: انت وقلبي.
- 3 -
عندما حدّدت قلبي في اتجاهاتي
وجف الليل في كفّ النهار:
أورقت عيناك شعراً ورذاذا
انتهى السجان في ذاكرة الجلد رمادا.
نام حرّاس الكرى
ظهرت في الأفق القادم نحو العابرين ....
نجمة لم يرها عاشقها،
فانتظرته،
وتهيّأت لكي أقطفها
فانكسرت في شهقة الفجر،
وغابت في دمي،
لكنها ما برحت في الأفق القادم نحو العابرين.
عندما حدّدت قلبي في اتجاهاتي
وجفّ الليل في كفّ النهار
انتهى السجان،
عاد الوقت من منفى (الزنازين) البعيدة
صارت الأرض على مرمى شهيد او شهيدة
او على مرمى قصيدة،
وتعالت شعلة في الدم نحو المشتهى..
قيل عنها:
إنّها فرحة عشاقٍ أعادوا الشمس للشرق
وقيل، الزمن.
عندما تشرب ماء البحر عيناي،
يظلّ الطعم ملحا
إنّ ماء البحر ملح.
لا تغنّيه السماء.
عندما لا تشرب الارض دم الجرح،
يظل النزف مطعون الدماء
إنّ بعض الظّن ملح،
ليس كلّ الدم دم
إنّ بعض الدم ماء.
- 4 -
أعلن الآن اشتعالي
إنّ قلبي موصل للعاشقين
ودمي ليس مزادا.
للشرايين:
عناوين الينابيع التي وزعها البحر على الغيم.
وللغابات:
فصلٌ واحدٌ يدعى الربيع.
للدّم اللون الذي لم يتّخذ من أيّ فصل لونه.
لغة لا تقبل التأويل الا نفسها،
وردة تبدأ من بوح شذاها.
لدمائي فارس لم يسترح بعد،
وعشقٌ لم تفاجئه استباحات المرايا،
لمشيب عربي موغل:
في صدأ السيف
ومشي السلحفاة.
لدمائي فارس لم يسترح بعد،
وثغر صادرته شرطة السلطة،
بين القبلة الأولى،
وبين النقطة الأولى
لأشواق العذارى،
واشتعالات الوطن.
لدمائي فارس لم يسترح بعد
وطفل مشرئب السر يعدو،
لم تنم اقدامه
بين اتساع الصمت
والأكفان،
او حين يغض الظل طرفاً.
لم تنم أقدامه
عند اندهاشات الصبا...!
إنّه الموت،
لمن لا يستطيع العيش دون القلب،
والحب
وعشب يرسم الأشياء حبلى
بانفجارات المدى المجنون
آه يا قلب،
لمن هذا السكون؟!
آه يا حب
لمن هذا الجنون؟!
لدمائي فارس لا يستريح.
خانه الموت
وخانته الإذاعات.
كان نبعا،
عندما غنى لأحزان القرى،
صار نهرا في اكتمال الجرح.
أيّها النبع،
لمن هذا العناق؟!
أيّها النهر،
لمن هذا العناق؟!
لي حبيبٌ قد غفت عيناه عند الضفتين.
أيقظته خطوة الماء بإعلان الرحيل،
أيقظته بسمة عند انعتاقي من
خلايا الآه..
أيّها النبع تهمل
أعلن الحب انتهاءا للتعب
أيّها النهر تمهل
أعلن الحب بحورا للغضب
كلما اعلنت حبي ازددت حباً،
فيضه من ألف حب
ليس موت النهر في البحر ولا
في لقاءٍ للمصب.
- 5 -
أعلن الآن اشتعالي
أعلن الآن انكسار الطعنات،
فدمي ليس مزادا.
قال جلاد:
على الأسماك لون البحر ممنوع
وممنوع عليكم أيّ موال،
إذا لم يتّخذ شكل انحناءات السكوت.
ومن الممنوع:
أن يرى الجائع في الليل استدارات القمر.
وعلى الشاعر،
أن لا يجمع الزنبق حبا
كلّ من لم يقتل الشمس التي تدخل من نافذة الشعر،
ختمناه بشمعٍ احمر
أيّها العشاق:
حرّمنا عليكم فرح الأجساد...
ايها العشاق،
لا تقربوا الأرض وأنتم شهداء!!
فدعوا أطفالكم ينمون لا يوم،
ولا اسم،
ولا حلم،
فمن أيقظ حلماً
أصبحت أحلامه من غير رأس
كلّ من يرفع صوتا
يرفع الصوت عليه
ان من أنذر يُعذر:
فاسألوا الراقد في القبر،
وفي الأسر،
وفي كل المنافي
اسألوا كل الجهات
زمن الصمت فلا يسمح الا
للأناشيد التي غادرها صوت المغني،
والتي رافقها اللحن المعلّب،
قال صوت في الجنوب
من رأى منكم هديلاُ
- ناصعاً مثل البياض -
ضاع من سرب حمام!؟
من رأى منكم صهيلاً
ضيّعته الخيل يوما في سباقات الصهيل؟!
وأنا المقتول ذنبي أنّني هذا القتيل
إنّني المقتول
ذنبي أنّني قاومت قاتلت الدخيل
إنّني المقتول لكن ...
ها أنا أعلنت رفضي للقتيل.
شريف إبراهيم