يجتاز العالم العربي اليوم لحظةً حاسمة من تاريخه، لحظة فوارة بإعادة النظر والتفحص والاختبار. وخلافاً للتجليّات الأولى ليقظته في مطلع هذا القرن، فإنه لا يبدو مهموماً بإنقاذ صورته القديمة، جزئياً او كلياً، بقدر ما يبدو مهموماً بالدخول- وعلى نحو نهائي- في كابوس عالم الآخر: والتكيّف بحسب طبيعته ومعرفة لُعَبِه وقوانينه. إن العربي يلاحظ الآن بمرارة كيف أن العالم الحالي قد تجاوز العالم القديم الذي نَحَتهُ هو على صورته.