أطلق سعاده تيار النهضة السورية القومية الاجتماعية وإنشاء مدرسة الفكر القومي الاجتماعي ووضع المنطلقات التي تلتزم بها مدرسة الفكر القومي الاجتماعي وحدّدها بأنها نظرة شاملة إلى الحياة والكون والفن لها فلسفتها الاجتماعية ونظرتها إلى الإنسان والقيم وتفسيرها المدرحي للتطور الاجتماعي. وبنصوص من سعاده أن "موضوع فلسفة الزعيم، اذن، هو الإنسان والقيم الإنسانية لا منشأ الكون" (مقال "نظرة سعاده إلى الإنسان" (شروح في العقيدة)، وانها بديل "لعقيدة تفسير التطور الإنساني بالمبدأ الروحي وحده وعقيدة تفسيره من الجهة الأخرى بالمبدأ المادي وحده (مقال "النظام الجديد" "شروح في العقيدة" لسعاده) وأن "عقيدتنا الاجتماعية تنظر إلى الإنسان من زاوية الحقيقة الإنسانية الكبرى – حقيقة المجتمع" ("نظرة سعاده إلى الإنسان") وأن المجتمع التام هو الأمة التامة – وهذا هو "المتحد الأتم" (راجع "نشوء الأمم") وأن العقيدة قومية اجتماعية وهي قومية بمعنى الوحدة القومية والولاء القومي (راجع "شروح في العقيدة") وأن الوحدة القومية المتينة المؤسسة على مفهوم القومية الاجتماعية "لا يمكن أن تحصل ضمن نظام اقتصادي سيئ كما أنه لا يمكن أن تحصل ضمن نظام اجتماعي سيئ" (شرح المبدأ الإصلاحي الرابع، كتاب التعاليم السورية القومية الاجتماعية)، وأن العقيدة القومية الاجتماعية على هذا الأساس هي نظرة وتجسيد، مدرحية، تؤمن بالحق المنتصر في الصراع الإنساني ولذلك فمبدأ "إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد على أساس الإنتاج" هو عند سعاده "المبدأ العظيم الذي يوجد مجتمعاً جديداً في نظرته إلى القيم الاجتماعية" فالقيم والنظام الجديد لا ينفصلان بل يتكاملان في التجسيد.

وكل هذه المنطلقات الأساسية التي تشكل قواعد الفلسفة القومية الاجتماعية، كما وضعها سعاده تحتاج إلى الدرس والتأمل بل إلى دراسة منظمة متسلسلة لا تحدّ بحدود: "بديهي إذن لا نتمكّن من فهم قضية الحزب السوري القومي الاجتماعي كلها بكامل أجزائها وفروعها وما تتكشّف عنه من مناقب وأهداف سامية وما تتعرّض له في سيرها من مثالب في الحياة إلا بالدرس والتأمل الطويل. إن قضية من هذا النوع تتكشّف عن كل هذه الأهداف الخطيرة تحتاج إلى دراسة منظمة متسلسلة لا تجمعها محاضرة واحدة أو كتاب واحد، بل هي تستمر، ويستمر الفكر يتغذى منها ويتفتح على شؤون العالم مطلقاً، ويظل مجتمعنا يجد في هذا التفتح وهذا الاستمرار مراقي إلى ذروة الحياة الجيدة التي تليق بالإنسان الراقي ويليق الإنسان الراقي بها". (ص.ص. 19- 20 "المحاضرات العشر"، سعاده).

فالزعيم المعلم المؤسس يدعونا إلى هذه الدراسة المنظمة المتسلسلة التي تستمر ويستمر الفكر يتغذى منها ويتفتح على شؤون العالم مطلقاً، يدعونا إلى هذا التفتح وهذا الاستمرار صعوداً إلى مراقي الحياة الجيدة التي تليق بالإنسان الراقي. وعلى طريق المعلم الذي أراد مدرسة الفكر القومي الاجتماعي أن لا تهدأ، أن لا تكسل وتخمد وتضمحل في النكوص عن إعمال العقل وتفاعله مع ظروف المجتمع ومواضيعه ليعطي بإخصاب، دائم ومضطرد، كان جمع هذه السلسلة.

ويشمل الجزء الأول من هذه السلسلة مجموعة من المحاضرات والدراسات بقلم الرفيق إنعام رعد.

وإن هذه الأبحاث أجازتها المؤسسات ولها طابعها المسؤول، من دون أن يعني أن أياً منها يحمل الحقيقة الأخيرة، لأن هذه هي ملك العقل، عقل النهضة، عقل المجتمع في تفاعل كل طاقاته وإمكاناته.