هذا الكتاب يحتوي عرضاً للعوامل والأسباب الحزبية الداخلية التي ساعدت وسهلت لأعداء سعاده الخارجيين تنفيذ قرار اغتياله. إن قرار التخلص من سعاده وقتله ما كان لينجح تنفيذه لو عرف أعوان سعاده وأركان حزبه كيف يحمونه ويحافظون عليه. "إني أحمل ما أحمل من أعدائي ومن أعواني"، هذا ما كتبه سعاده نفسه في رسالة منه لعبدالله قبرصي سنة 1938. إن ما تركه لنا سعاده من تراث مكتوب يدل بوضوح كم كان يعاني من قصور أعوانه عن مواكبته، وقصورهم عن إدراك عمق فلسفة عقيدته ونظامه معاً، وعن فهم القضية بكامل خطورتها وقيمتها التاريخية وضرورتها لنهوض سورية وقيامتها من قبر التاريخ. أما أن يلعب أعوانه وأركان حزبه في حياته وبعد استشهاده دوراً معاكساً له ولنهجه وللقواعد الفكرية والنظامية والنضالية التي وضعها في دستوره، فهو آخر ما كان منتظراً منهم، وهو ما سيشرحه هذا الكتاب ويبيِّن كيف أدّى الى المساهمة عملياً في مؤامرة قتله سنة 1949 وإعادة قتله عدة مرات بعد ذلك. كأن سعاده كان عارفاً مصيره ومتوقعاً نهايته كإنسان- فرد على الطريقة التي حدثت بالظبط، ففي غمرة صراعه وحربه ضد "التنين المتعدد الرؤوس" حسب تعبيره، كتب للرفيق وليم بحليس سنة 1946 يقول: "إن الأمم الغبية تفعل بابطالها كما تفعل الأطفال في ألعابها، تحطمها ثم تبكي طالبة غيرها" !