في هذا الكتاب نعمل على البحث في المعتقدات الشعبية العربية، من حيث تكوّنها استجابة لضرورات الحياة اليومية في منطقة الشرق الأدنى القديم والمغرب العربي. وهي الضرورات التي تتطلب البحث عن أي مصدر يمكن أن يجلب لها الاستمرار في الحياة والهدوء والاستقرار، لتلتفت إلى ما هو أهم من الإيفاء بمتطلبات لمعيشة اليومية، إلى ما هو أرقى. وقد كان التفكير المبكر الذي شغل الإنسان منذ بدايات الحضارة نابعاً من هذه المنطقة، وخصوصاً من بلاد ما بين النهرين، ما حدا بالمؤرخين إلى القول إن التاريخ يبدأ من سومر. وكل حضارة إنسانية لها مصدران، أحدهما حضارة بلاد ما بين النهرين. وعليه، جاء هذا الكتاب ليبين بدايات تكوّن الحضارة الانسانية من خلال المعتقدات التي لخّصت كيفية بدء الكون، وخلق الانسان واستمراريّته من خلال الزواج، والتسليم بالموت بعد قطع الأمل من إمكانية الخلود، والعلاقة مع الخالق والمساعدين، وكيفية استرضائهم للحماية والعيش بسلام.